يدرّس علوم الشريعة ويساعد الفقراء والمرضى
مسجد شجرة الأنبياء . . رسالة شاملة
يقع “مسجد شجرة الأنبياء” في حي “كابتال” بمقاطعة “تفرغ زينة”، أرقى أحياء العاصمة نواكشوط على مقربة من “مركز الاستطباب الوطني”، أكبر مستشفيات البلاد، كما تقع بالقرب منه العديد من المؤسسات والهيئات الطبية والاجتماعية في وسط الحي السكني المعروف بحي “ك” .
بني هذا المسجد سنة ،1982 وتبلغ مساحة أرضه كاملة 2200 متر مربع، أما مساحة بناية المسجد فهي 800
متر مربع، ويضم العديد من المرافق المهمة من بينها قاعة الوضوء ومبنى للمحظرة وسكن الإمام والمؤذن،
ومقر مؤسستين، علمية وخيرية .
تأسس المسجد على يد المرحوم الإمام أشريف حاجي الولاتي، الذي كان مسؤولاً للجنة المساجد والمحاظر،
ومن الناحية العمرانية تم بناء المسجد بمساهمة من رجل الأعمال سيدي محمد ولد العباس مناصفة مع
الإمام أشريف حاجي الولاتي .
وظل الإمام أشريف حاجي الولاتي إماماً للمسجد ومديراً له منذ سنة 1982 حتى 1994 عندما توفي
الإمام رحمه الله ليخلفه في إمامة المسجد وإدارته ابنه عمر الفتح وهو أحد الوجوه العلمية والدعوية
والسياسية المعروفة في البلاد .
وقد درس عمر الفتح، وهو من مواليد ،1971 القرآن الكريم وعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية
وتخرج في “مدارس العون” التابعة للشيخ العلامة محمد الأمين ولد الحسن، وكان في الوقت نفسه يتابع
دراسته على والده في “مسجد شجرة الأنبياء”، كما درس في المدارس الحديثة وحصل سنة 1994
على شهادة المتريز في الشريعة الإسلامية (تخصص الفقه)، وقام مبكراً بدور دعوي مهم، فمنذ بلوغه
سن التاسعة عشرة من عمره كان خطيباً في “مسجد شجرة الأنبياء”، وعاملاً بصدق في نشر الوعي
الديني وتثقيف الناس في أمور دينهم .
كما لعب عمر الفتح دوراً مهماً من خلال خطبه في “مسجد شجرة الأنبياء” في مقاومته التطبيع مع
“الكيان” الصهيوني، وتسليط الضوء على دور المسلم ورسالته في الحياة .
خدمات مجتمعية
“مسجد شجرة الأنبياء” منارة دعوة وعلم في موريتانيا، ومن خلاله توفر للعشرات المكان الملائم لتلقي
العلم والعون المادي، وفضلاً عن كونه رابع مسجد في العاصمة نواكشوط تقام فيه صلاة الجمعة، فقد تمكن
المسجد من تقديم خدمات جليلة للدين الإسلامي والمجتمع .
وإلى جانب دوره كمكان للتعبد، قدم المسجد طوال ثلاثة عقود من الزمن، ولا يزال، خدمة الفتوى للمواطنين
في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية، حيث يقصده، وفي أي وقت، كل من استشكل عليه أي شيء متعلق
بمعرفة الحكم الشرعي في مسألة ما .
وفي هذا المسجد تم منح عناية خاصة لفئة الفقراء والمحتاجين حيث دأب العشرات من أفراد هذه الفئة
الاجتماعية على التوجه إلى “مسجد شجرة الأنبياء”، لكي توزع عليهم المساعدات العينية التي يتم جمعها
من المتطوعين والمحسنين . وهو ما عمل على تخفيف معاناة المعوزين والمساكين .
إلا أن القائمين على المسجد كانت لهم نظرة أشمل لدور المسجد كمؤسسة وقفية، فقاموا بتحويل هذا
المسجد إلى أحد أشهر المراكز التي تقدم خدمات متعددة للمجتمع . ومن أبرز العناوين التي تجلى فيها
ذلك هو إنشاؤهم ل”مركز أنس بن مالك لتكوين القراء”، حيث تقوم مجموعة من الأساتذة البارزين
بتدريس الطلاب المنتسبين للمركز الذي يتعلم فيه الطلاب القراءات السبع للقران الكريم، كما يقدم
هذا المركز جملة من الخدمات التعليمية الأخرى متعلقة بعلوم الشريعة واللغة العربية والتكوين
على المعلوماتية . ويشترط فيمن يود الالتحاق بهذا المركز أن يكون مجيداً لحفظ القرآن الكريم،
وملماً إلماماً حسناً بعلوم الشريعة واللغة العربية . ويمنح المركز شهادة دبلوم في القراءات على
فترة سنتين من الدراسة المتواصلة على يد الأساتذة المتخصصين .
كما يقوم “مسجد شجرة الأنبياء” بكفالة مجموعة من الطلاب المبتدئين في القرآن الكريم، حيث
يتحمل كل نفقات الطالب ليتمكن من حفظ القرآن الكريم خلال ثلاث سنوات .
وحول التكاليف الباهظة للإنفاق على الطلاب ضمن نظام الكفالة الذي يقدمه المسجد، يقول
الإمام عمر الفتح “هذا الإنفاق مكلف، ولكن فضل الله واسع” .
جمعية التعاون
وفي الجانب الشرقي من المسجد يقع مبنى مؤسسة خدمية أخرى تابعة للمسجد هي “جمعية التعاون
للأعمال الخيرية” التي أنيط بها دور اجتماعي مهم يتمثل في تقديم عدة خدمات مجانية من بينها بناء
المساجد، وكفالة المحاظر (المدارس الدينية)، وكفالة الأيتام، وتقديم المساعدات العينية للمحاجين
والمرضى، كما تقدم الجمعية العديد من الأعمال التطوعية مثل التكفل بالمرضى والتوعية الصحية .
وقد كان ل”مسجد شجرة الأنبياء” دور دعوي وتثقيفي بارز، ويكفي للدلالة على ذلك استعراض
لائحة العلماء الأجلاء الذين ألقوا محاضرات في هذا المسجد، ومن بينهم الشيخان بداه ولد البصيري،
ومحمد سالم ولد عدود، ومحمد ولد سيدي يحي، ومحمد الحسن ولد الددو، وعدد كبير من الأئمة والعلماء والدعاة .
وحول الرسالة المسجدية التي تحرص جماعة المسجد على أدائها، يقول إمام المسجد عمر الفتح إنها رسالة
شاملة من دور المسجد كمكان لفضيلة التعبد، إلى منبر علمي لبث العلم والمعرفة وإشباع نهم طلبة العلم .
ويضيف “يتركز هذا في دورين أساسيين تعمل عليهما جماعة المسجد: تذليل ما أمكنها من الصعاب أمام
طلاب العلم، وتذليل ما أمكنها من الخدمة الاجتماعية” . إذ إن خدمة المسلمين في هذا العصر تتطلب
توفير أماكن الصلاة والعبادة وبث العلم والعمل الخيري التطوعي الذي يعمل على تماسك المجتمع والثبات على دينه .
جريدة الخليج-الإمارات
نواكشوط - المختار السالم
الجمعة : 24/12/2010
منقول