اصـــــابه مـــيــــسي
يبدو أن الدنيا قامت ولن تقعد على خلفية الاصابة «العابرة» التي وقع ضحيتها الأرجنتيني ليونيل ميسي خلال مباراة فريقه برشلونة أمام أتلتيكو مدريد ضمن الدوري الاسباني لكرة القدم، والتي لن تبعده أكثر من أسبوعين عن الملاعب.
جاءت تقارير لتشير - اثر اصابة ميسي - الى ضرورة حماية نجوم اللعبة من قبل الحكام. ولكن لِمَ هذه الصحوة وهذا التهافت غير المسبوق على الدفاع عن لاعب فشل في هز الشباك ولو لمرة واحدة في خمس مباريات خاضها في بطولة كأس العالم 2010؟
ماذا قدم ميسي في المونديال الذي يعتبر المحك الحقيقي لأي نجم؟
لن نفتح جدلية حول موقع ميسي بين جهابزة كرة القدم عبر تاريخها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين بنى البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو مارادونا والألماني فرانتس بكنباور والفرنسي زين الدين زيدان أمجادهم؟ بالطبع في بطولات كأس العالم؟ اذاً، لِمَ التغاضي عمّا قيل قبيل انطلاق مونديال جنوب افريقيا عندما علق كثيرون تصنيف ميسي بين العمالقة على شرط تتويجه باللقب العالمي؟
ميسي «لاعب نادي» لا أكثر ولا اقل وهذا مثبت بالدليل القاطع.
لا شك في سحره وعطائه وحرفنته بيد انه لم يسجل اسمه في السجلات الذهبية لكأس العالم حتى الساعة، لذا لم يبلغ مرحلة العظمة، ويجدر التذكير دائماً بأن منتخب بلاده «أكل» أربعة أهداف «نقداً وعداً» أمام منتخب ألماني يافع افتقد قائده ميكايل بالاك خلال كأس العالم الأخيرة. لن ينسى تلك الخسارة، فلم يتنكر لها عشاقه؟
وإذا كان بيليه «ملك الكرة»، فإن ذلك لا يكفي لإعطائه كل حقه مقارنة بما يحصل عليه ميسي اليوم من تبجيل وتكريم. بيليه هو «أبو ملك ملوك الكرة» مقارنة بطيب الذكر ميسي!
مارادونا جلب المجد لنادي نابولي القابع في الجنوب الايطالي عندما نقله من الظلمة الى الواجهة، مانحاً اياه لقب بطل الدوري مرتين والكأس المحلية وكأس السوبر الايطالية وكأس الاتحاد الأوروبي، ولم يكن في حينها الى جانبه ليعينه سوى المهاجم البرازيلي كاريكا.
واليوم، يجد ميسي نفسه محاطاً في برشلونة بكوكبة من اللاعبين المتوجين أبطالاً لأوروبا في 2008 والعالم في 2010، ولا شك في ان اي لاعب آخر يمتلك بعض الفنيات سيكون قادراً على الاقل، في فرض نفسه، في حال منح الفرصة لشغل مكان «ليو».
لقد اصيب ميسي فقامت الدنيا ولم تقعد، حتى خيل للبعض ان كرة القدم دخلت في حالة حداد.
لا يجب ان ننسى اضطرار الهولندي ماركو فان باستن الى الاعتزال عن 29 عاماً بسبب الاصابة، وسيباستيان دايسلر عن 27 عاماً للسبب نفسه بعد ان كان يعتبر امل كرة القدم في ألمانيا، ولاعبين آخرين لم تتأثر اللعبة الاكثر شعبية بغيابهم.
اصابة ميسي لا تتعدى كونها جزءاً من كرة القدم وليست سابقة، وبالتالي عليه وعلى عشاقه تقبلها كأي خسارة أو فوز.
كيف يحق للبعض المطالبة بحماية النجوم؟ كرة القدم رياضة تخضع لقوانين وانظمة تحكيمية ثابتة. صحيح ان قرارات عدة تخضع، خلال المباريات، لاجتهاد الحكام، بيد ان ذلك لا يرتكز على هوية اللاعب، اسمه أو جنسيته.
في 23 فبراير 2008، تعرض البرازيلي الاصل الكرواتي الجنسية ادواردو دا سيلفا لاصابة خطيرة عندما كان لاعباً في ارسنال الانكليزي، وكادت ان تقضي على مسيرته في الملاعب.
تلك الاصابة كانت «صعبة» لدرجة ان قنوات التلفزة الناقلة لمباريات الدوري الانكليزي ارتأت عدم اعادة بث اللقطة احتراماً لمشاعر المشاهدين.
أليس ادواردو نجماً ولاعباً مثله مثل ميسي؟ ومن هو ذاك القادر على اثبات أن ميسي يعشق كرة القدم اكثر من ادواردو كي يجري منحه أفضلية من اي نوع كانت؟
يبدو اننا في عصر السرعة حقاً وكاتب هذه السطور بطيء للغاية لدرجة عدم ادراك ان كرة القدم باتت اليوم رياضة مخملية تساير نجوماً من ورق، سقطوا في كأس العالم كأوراق خريف عابرة، على حساب لاعبين آخرين لا يقلون عن غيرهم حباً لـ «المستديرة» وتعلقاً بها واخلاصاً لها.